مسار GR4 (جزء 1)

الحافلة الاولى انطلاقا من Nice في اتجاه مدينة Grasse وصلت. اقتطعت تذكرة ب1.5 أورو. أخذت مكانا في آخرالحافلة.بعد ساعة وعشرون دقيقة كنت في محطة الوصول.
الحماس لبدأ المغامرة، و وزن حقيبة الظهر، جعلوني اتجه فورا نحو نقطة انطلاق مسار GR4.
تحققت من الاتجاه على شاشة الهاتف. عدلت الحقيبة لتلائم ظهري و بدأت المشي.اليست الحقيبة ثقيلة؟
الهاتف يشير الآن الى الإنعطاف يسارا . مهلا هذا درج طويل! لا أرى خيارا آخر.
يجب ان أصعد و الحقيبة تزن تحديدا 23كغ مع لترين من الماء. هل كان علي حمل كل ذلك الأكل و الملابس ؟
لم اقرأ حسابا لكل هذا عند التخطيط لهذه المرحلة.
استجمعت قوة كافية لبدأ الصعود، ها أنا أتمكن من اجتياز العتبة الأولى، الثانية، الثالثة فالعاشرة ..
راحة قصيرة و نفس عميق .. ثمّ.. وصلت! قطعت مسافة 66كم في اربعة ايام مشيا من Grasse الى Entreveaux كجزء من مسار الGR4.

طبعا، لم يكن الأمر لا بتلك السهولة و لا بتلك السرعة، اليكم التفاصيل. في شكل عدة مقالات وصور. 

درج Charbot
200 عتبة
مسار GR4
مسار GR4 يربط بين الاطلسي ومنطقة بروفنس جنوب شرق فرنسا. يمتد المسار على 1470 كم.
سنة 2016 قمت برحلة تجول بمفردي من Grasse إلى Enreveaux . من ثم مكثت مع بعض الأصدقاء ثلاثة أيام بالقرب من Les gorges de verdon. هذا المقال يغطي الجزء الأول من الرحلة.
*

اليوم صفر NICE

07/08/2016

حللت بمدينة نيس صباحا. فور مغادرة المطار قمت بجولة في Promenade des anglais.
تجولت في المدينة القديمة و تناولت وجبة رفقة صديقة ومن ثم صعدنا للقصر القديم حيث استمتعت بمنظرغروب رائع. قضيت الليلة في منزل صديق جديد سعدت بالتعرف عليه. وفّر لي كل سبل الراحة في ليلتي الأولى بعيدا على المنزل و الأخيرة قبل الانطلاق وحيدا على مسار الGR4.
كان التفكير كله حول كيف ستجري الأمور فالأيام القادمة ؟

GR4 – الانطلاق – Grasse

08/08/2016

كان الانطلاق صعبا من Grasse. حيث بدأت بإستيعاب عديد النصائح التي قرأتها في فترة التحضير.
أهم هذه النصائح: لا تحمل معك في الحقيبة الا ما ستحتاجه فقط و اترك كلّ ما “قد” تحتاجه.
حمل حقيبة ظهر ثقيلة خطأ يقع فيه كل المبتدئين مثلي.

الكلمة الأخرى التي قرأتها كثيرا و فهمت معناها النظري و لم تكن تعني لي سوى أرقام تقنية لحساب عدد الأمتار التي نجمعها صعودا و نزولا بحساب فارق الأرتفاع على سطح البحر بين نقطتين على المسار كانت Dénivelé!

350 م+ التي قرأتها في دليل المسار لم تكن تعني لي شيء قبل صعود درج Charabot.
(حقيقة اكتشفت ان هذه المعلومة موجودة في الفقرة الاولى من الدليل عند الإعداد لكتابة هذا المقال 😁).

الآن أشعر بسعادة و انا استحظر لحظات تصوير العلامة الأولى Balise للمسار على صخرة بين الأعشاب.
رأيت الخطين الأحمر و الأبيض كان يعني لي انني في النقطة الصحيحة.
التطبيقة التي تظهر لي خط المشي على المسار تعمل جيّدا وها أنا أخطو الأمتار الأولى من رحلة خططت لها بدقة طوال 6 أشهر.
مع تقدمي بشكل واضح رغم عديد وقفات الراحة و التنفس التي كنت بحاجة لها خاصة عند صعود منحدر أي مراكمة امتار ارتفاع أكثر على مسافة أقصر ، بدأت أستمتع أكثر فأكثر بالنسيم، بمنظر المرتفعات و البحر، ببرودة جرعات الماء، بالصوت الذي يحدثه حذائي على الأرض و بفكرة انني أتجوّل بمفردي في بلد آخر على مسار عدّة أيام.

بين الحين و الآخر كنت أحاول مطابقة المعلومات التي لدي في دليل المسار مع خريطة الهاتف.
والوقت المفترض لقطع المسافة مع ما أحققه فعلا من تقدّم. الأمر أشبه بالاجابة على قدر السؤال في امتحان مهم.

ها هي علامة col du clapier 1257m تعلن اننا اتممنا الصعود و سنبدأ الآن النزول باتجاه le plateau de Caussols.
تلك العربة المحاذية للشجرة هي ملجأ غير محروس للإختباء في حالة تعكر الطقس. هذه الملاجئ منتشرة على عديد مسارات التجوال الطويلة.
كل شيء على ما يرام.

GR4 – اليوم الأول – Cipières

نظرت الي الوراء لرؤية المسافة الي قطعتها في يومي الأول.
تلك هي قرية Cipières حيث سأقضي ليلتي .

عند الوصول الي القرية أتممت أجراء الحصول على مفتاح الكوخ المهيء لاستقبال المتجولين على المسار حيث وضعت أغراضي و تخلصت من ثقل الحقيبة و الخيمة و غيرت ثيابي لأخرج لاستكشاف القرية و التقاط الصور.
رغم اليوم الشاق لم أ شعر بالتعب حينها.

سعر الليلة في المأوى 12€

(2016)

يمكن التخييم بالقرب من نهر LE Loup

القرية صغيرة و جميلة. مع حلول الليل توجهت لمطعم صغير كان مفتوحا و طلبت بيتزا أربعة أجبان ..
رغم انني أكتب هذا المقال بعد أربع سنوات تقريبا على مرور التجربة، أتذكر لذّة تلك البيتزا واوشك على البكاء من فرط الشوق لذلك الطعم! ألذّ و أطيب بيتزا أكلتها في حياتي!

هكذا كان اليوم الأول على مسار GR4. 

بين الخوف من عدم تطابق التخطيط مع الواقع و الحماس لخوض تجربة فريدة كنت اتقدم ببطئ.
جسدياً أيضاً كان الأمر صعباً لعدم تعودي على بذل جهدٍ مماثل. كنت أشجع نفسي للوصول لنقطة معينة قد تكون في بعض حالات الصعود على بعد مترين. أكافئ نفسي براحة قصيرة و أواصل . 

طبعا راودني سؤال لما هذا العناء أكثر من مرة في اليوم. لكني وصلت وهنا سعيد واكتب عن التجربة بعد 4 سنوات. وطبعا تلتها تجارب أخرى لا تقل متعة.

انتهت المرحلة الاولى وأمانة مراحل أخرى. اليوم الثاني هو الأطول. تابعونا لمعرفة المزيد على المسار والمغامرة.

شاركونا اسئلتكم في التعاليق.
دمتم في صحة جيدة.
دمتم مسافرين.
دمتم سعداء.


*صورة منجزة بتطبيق CANVA
المزيد عن ماسارت أخرى :

واعد القوماني

أعمل مبرمج إعلامية صناعي حاليا. مولع بالسفر والتصوير الفوتوغرافي. اسعى لصناعة محتوى ذو جودة لمساعدة الاخرين على خوض التجارب الفريدة ومشاركتهم تجاربي.

اترك تعليقاً